أهمية اعتماد الطاقة النظيفة و دورها في التصدي لتغير المناخ

عمر كوكب الارض هو 4,5 مليار سنة بينما عمر الانسان هو 140 الف سنة تقريبا, اذا قمنا بعملية بسيطة بحيث نعتبر ان عمر الكوكب هو 24 ساعة, فسنجد انه لم يمر على وجودنا أكثر من ثلاثة ثواني… ثلاثة ثواني فقط كانت كافية لنغير الكثير في ملامح كوكبنا

ويتعرض كوكب الارض لمجموعة من الظواهر ولعل تغير المناخ من أخطرها في الوقت الراهن. تشكل هذه الظاهرة أكبر معضلة عالمية على النظام البيئي و كذا على واقع النمو الاقتصادي في العالم

تعد جهة سوس ماسة واحدة من أوجه التغيرات المناخية بالمغرب, فازدياد مواسم الجفاف, ندرة المياه, ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة الى حدة التقلبات المناخية كلها مشاكل بيئية تعاني منها الساكنة بالجهة, ذلك لارتباطها وتأثيرها المباشر على مختلف القطاعات الحيوية. إذ تعتبر هذه الجغرافيا المتواجدة بالجنوب الغربي للمملكة واحدة من اكثر المناطق معاناتا من تغير المناخ حيث شهدت قبل شهرين حدوث فيضانات وتساقط امطار طوفانيه استثنائية وفجائية لم يسلم منها احد, هذه التساقطات كانت كافية لإسقاط قناطر ثم تشييدها قبل اشهر واتلفت طرق لم يمر على تعبيدها الا فترة قصيرة كما عانت قرى من العزلة بسبب الامطار الطوفانية الى الان… نعم الى الان وهذا موضوع شائك لا نريد ان نصوغ في احداثه الان

من وسط هذه الظروف التي تعيشها الجهة وبالضبط بمدينة سيدي افني انبثقت جمعية دار سي حماد للتنمية والثقافة, حيث دشنت هذه المؤسسة العالمية المتواجدة بالمنطقة اكبر مشروع فعال في العالم يرتكز على حصد الضباب والذي يهدف الى التقليل من حدة انعكاس تغير المناخ, تحسين البيئة المعيشية للمواطنين بالإضافة الى تشجيع استخدام تكنولوجيات الطاقة النظيفة. ويهدف هذا المشروع الأول من نوعه بإفريقيا الى تزويد ساكنة العالم القروي بالماء الصالح للشرب عن طريق شبكات بلاستيكية مصممة خصيصا لصيد الضباب

وقد صرحة بهذا الخصوص مديرة المشروع الاستاذة جميلة بركاش, بان مشروع حصد الضباب “فوك هارفيستينغ” من المشاريع القديمة والصديقة للبيئة انطلقت في دول سابقة كالشيلي وجزر الكناري, فالمبدأ الاساسي كان هو تطوير وسائل جديدة للتكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية التي تعاني منها المنطقة. فالضغط الجوي المرتفع القادم من جزر الأسور وكذا التيار البارد الاتي من جزر الكناري يدفع السحاب نحو الجبال الباردة في الواجهة البحرية والذي يكون حاجزا طبيعيا, مشيرتا ان دار سي حماد اختارت منطقة بوتمزكيدة التي تستقبل ضبابا كثيفا ومتكررا خلال 143 يوما من السنة لإنشاء وحدات حصد الضباب. واكدت المديرة ان الشبكات البلاستيكية مصممة خصيصا لصيد الضباب بحيث تنزل قطرات الماء الناتجة عن هذه العملية لتمر عبر عدة محطات للمعالجة قبل ان يصل الماء الصالح للشرب الى المستهلك. الشيء الذي كان اكبر لحظة تحول عند النساء والرجال والاطفال حيث وصل عدد المستفيدين خلال يناير الماضي الى ثلاثة عشر قرية. حيث تم ربط المنازل بهذه المادة الحيوية لاستعمالها في الشرب والطهي, حيث تأدي الساكنة ثمنا رمزيا من اجل مصاريف الصيانة. كما نوهت المديرة بان هذا المشروع كان له جزء من جائزة الامم المتحدة حول التغيرات المناخية حيث فاز بها في اطار القمة الثانية والعشرين للمناخ التي انعقدت بمراكش بحضور الامين العام للأمم المتحدة وعدد من المشاهير العالميين

بدورها اكدت زينة أحد المستفيدات من المشروع وفي تدخل لها باللغة الامازيغية, على ان هذا الاخير كان له تأثير ايجابي على حياة الساكنة خاصة النساء, حيت يشكل الماء مصدر قلق كبير من اجل البقاء على قيد الحياة خاصتا في الشهور الجافة سواء بالنسبة للإنسان, الماشية او البيئة عموما. فعدد كبير من العائلات يهاجرون نحو المدينة, فتباع المواشي ويتلاشى الارث الثقافي والعادات والتقاليد, كما تعرف النباتات واشجار الأركان الذي تتميز به المنطقة تدهورا كبيرا نظرا لعدم الاهتمام بها وتشذيبها. وقد صرحت زينة بان المرأة تعاني اكثر من الرجل جراء الاثار السلبية لتغير المناخ, حيث انها كانت تحتاج لحوالي ثلاث ساعات يوميا لجلب المياه, لكن الان بسبب المشروع ومع تيسر الماء الشروب, اصبحت النساء يوفرن ثلاثة ساعات يوميا الشيء الذي مكنهم من التعلم والتكوين وتحسين ظروفهم وقدراتهم

يعتبر هذا المشروع نموذجا ناجحا اثر الاثار الايجابية الذي يخلفها على الساكنة والجهة, لذا نحتاج الى تعميم مثل هذه المشاريع في باقي المناطق التي تعرف انعدام او ضعف في الموارد المائية

المغرب وبالرغم من ضعفه من ناحية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الى انه يعتبر من الدول التي تتأثر بشكل كبير جراء تغير المناخ. عرف المغرب خطورة تغير المناخ منذ عدة سنين حيث كان من الدول الاوائل التي صادقت على اتفاقية الامم المتحدة سنة 1995, يعتبر منطقة معروفة بالاهتمام بالتكنولوجيا لتوفير الماء و الكهرباء, كما وضع المغرب سياسات وطنية لتغير المناخ منها الخطة الوطنية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة, الخطة الوطنية لمكافحة ظاهرة الانحباس الحراري فضلا على مخطط المغرب الاخضر كما احتضن المغرب نهاية السنة الماضية فعاليات مؤتمر الاطراف بمراكش

يعتبر تغير المناخ واحد من الاضرار السلبية التي تهدد الكوكب. فكما تسببنا في ضهور هذه المشاكل والاعراض يمكنا كذالك ان نكون جزءا من الحل لان من حقنا ومن حق الاجيال القادمة الاستفادة من الطبيعة الام دون ان نضرها

Leave a comment